الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة الفيلسوف الفرنسي إدغار موران من تونس: من لا يحترم حقوق الأقليات ليس ديمقراطيا

نشر في  30 ماي 2015  (22:08)

إستضافت جامعة منوبة عشية يوم الجمعة 29 ماي الفيلسوف وعالم الاجتماع  الفرنسي إدغار موران الذي تولى تقديم محاضرة بعنوان "Ordre, désordre, organisation " وذلك أمام مدرج قرطاج الحداثة الذي إكتظ على آخره بالطلبة وبالأساتذة وبالمهتمين بكتابات وفكر الضيف.

وتطرق إدغار موران الى مفاهيم النظام والفوضى إنطلاقا من علوم الفيزياء وصولا الى علوم السياسة. ومما قاله المفكر الفرنسي المولود سنة 1921، أننا نعيش في عالم تتصارع فيه قوى النظام وقوى الفوضى معتبرا أن قصة العالم "قصة مخدوشة" (une histoire heurtée) بما حدث فيها من كوارث طبيعية ومن سقوط للإمبراطوريات على غرار الإمبراطوية العثمانية والرومانية والفراعنة. فمن كان يتوقع نهاية هذه الكيانات العظمى؟

إذا لم يتم إحترام الأقليات فإنّ الديمقراطية تفقد معناها

وأضاف الفيلسوف صاحب عديد المؤلفات على غرار "وحدة الإنسان" و"الانسان والموت" أنّ العالم يقع تحت سطوة تجاذبات النظام والفوضى وهو ما قد لا يخدم التطلعات الإنسانية. وفي هذا السياق، قال موران إنّ الديمقراطية لا تعني الفصل بين السلطات والإنتخابات فقط بل إنها تتغذى من تعارض الأفكار في إطار نقاش متحضر ولا في إطار مواجهات مسلحة تستعمل فيها "الكلاشنيكوف". وبيّن موران أنّ الديمقراطية تعني أيضا إحترام الأقليات وإذا لم يتم إحترام الأقليات فإنّ الديمقراطية تفقد معناها معترفا أنها نظام سياسي هش "un régime fragile".

وواصل موران فكرته قائلا إنّ الديكتاتوريات عادة ما تكون لها "حقيقتها" التي تحاول فرضها مثل النازية أو الشيوعية الستالينية أو الأنظمة التيوقراطية التي تعتمد على الحقيقة الإلاهية بينما أنّ الديمقراطية تعني غياب القمع بإسم حقيقة واحدة  "on ne tyrannise pas au nom d'une vérité". 

وعرج الضيف على بعض امثلة الديمقراطية التشاركية "démocratie participative" الناجحة مثل ما حدث في مدينة بورتو أليقري البرازيلية مضيفا أنه على الديمقراطية أن تجدد نفسها وإلا فإن مصيرها الزوال "si elle ne se regénére pas, la démocratie dégénére".

نحن بحاجة الى إعادة النظر في القوانين التي تحكم العالم

هذا ولفت إدغار موران النظر الى تعدد الأزمات وبؤر التوتر وإزدياد الفوارق الإجتماعية في العالم وذلك رغم التوحد التكنولوجي والإقتصادي"l'unité techno-économique". وقال موران إن الوضع الحالي يتطلب تغييرا على مستوى القوانين وإننا بحاجة لمقاومة قوى التدمير "les forces destructives".

هذه شروط إنقاذ المجتمعات من التفكك

ولاحظ الفيلسوف الفرنسي أنّ للمجتمع، أي مجتمع، تركيبة معقدة، وعندما تكون درجات الحرية عالية، يصبح المجتمع مهددا بالتفكك "désintégration". وفي هذه الحالة، يجب توفر عدد من العناصر التي تسمح بوحدة المجتمع وبتماسكه، وهي وفق موران كالآتي:

-الوطنية "le patriotisme"

-التضامن "la solidarité entre les individus"

وشدد موران على فكرة أساسية وهي فكرة المجموعة "la communauté" التي يجب أن تكون حاضرة للنأي بالمجتمع عن التفكك.

ما هو الإنسان؟

وإجابة على سؤال أحد الطلبة حول الإصلاحات الضرورية في مجال التعليم، قال موران إنه يجب تدريس المواضيع التالية:

- ماهو الإنسان؟ "Qu'est ce que c'est l'être humain"

-تدريس فهم الآخر "enseigner la compréhension d'autrui"

-تدريس سبل مواجهة المجهول  "enseigner à affronter les incertitudes" لانّ النظام التعليمي غالبا ما يلقن اليقينيات.

ومن بين الحكم التي وردت في محاضرة إدغار موران، نذكر في خاتمة هذه التغطية حكمة تركية تقول ما يلي: الليالي حبلى ولا احد يعرف الى ماذا سيشبه اليوم الذي سيولد "Les nuits sont enceintes et nul ne connaît le jour qui naîtra".

 

شيراز بن مراد